مقالة بعنوان "الرموز الاسلامية والدراما الفنية"
2022-03-29
منذ ان نبت الاسلام في الجزيرة العربية وهو يتعرض لأعنى المؤامرات وبشتى الوسائل فكلما اخذت شجرته تنمو وتمتد في افيائها وتكاثر رطبها كلما ازدادت شراسة اعدائه محاربة.
وأهم وأخطر وسيلة أتبعت في محاربة الاسلام ورموزه هي الاعلام الذي يعد من الاسلحة الفتاكة في عصرنا الحديث حيث لديه القدرة من خلال مفرداته وتطورها إلى قلب الحقائق بحرفية فتراهم ومنذ مدة ليست بالوجيزة يستثمرون شهر رمضان استثماراًً سيئاً للغاية مستغلين تحليق العوائل حول التلفاز ليلقوا على مسامعهم وانظارهم ما جسدوه من دراما فنية مستندين في ذلك على ما جاء في كتب المستشرفين ومن سار على نهجم وعلى خطاهم مثل جرجي زيدان وغيره.
فما بالك والهيمنة الاعلامية العالمية تسير بخطى وافكار يهودية هذه اليهودية التي نصبت العداء للإسلام منذ كان بذرة لم تغرس بعد لكنه استطاع أن يبني حضارة قل نضيرها في تاريخ الانسانية بفضل رجاله الافذاذ هؤلاء الرجال الذين تبنو نشر العدل والسماحة وبناء دولة نموذجية لذا تراهم يسلطون الضوء على هذه الرموز للنيل منهم ومن تاريخهم ولينزعوا من عقولنا وقلوبنا هيبتهم ورمزيتهم لنا في حياتنا يشاركهم في ذلك شركات الانتاج الفنية التي انبثقت في النصف الاول من القرن العشرين في مصر ولبنان فبدأوا سلسلة اعمالهم الفنية بالسيرة النبوية وبعض الشخصيات الاسلامية التي اتسمت بضعف الاخراج والحوار والتي نتج عن ذلك تشويها وتحريفا لما جرى حقيقة ومثال ذلك فلم فجر الإسلام، والشيماء، وبلال بن رباح، وخالد بن الوليد وغيرها الكثير والتي كانت تسمى مجازاً الافلام الدينية او الاسلامية والتي كانت في اغلبها مرتعاً للتشويه والتزييف لاعتمادها على الروايات الضعيفة واعدادها بسيناريو تغلب عليه اللهجة المصرية الدارجة وكأنها هي اللغة العربية الفصحى التي كانت متداولة على الالسن في ذلك العصر وهذا مقصود طبعاً لطمس اللغة العربية من جهة ولفقدان المشهد التاريخي سطوته والقه الفني من جهة ثانية فنشاهد الشيماء مغنية تطرب الحضور وخالد بن الوليد يقتل ويسفك الدماء من اجل النساء وهكذا ليتطور الحال وتتحول الاعمال التاريخية والاسلامية إلى مسلسلات تتبناها بعض القنوات الفضائية لتصدمنا في كل رمضان بشخصية نكنّ لها كل الاحترام والتقدير لنسف هذا الانطباع بانطباع هزيل عن طريق السخرية والاستخفاف والتشويه فنراهم يصورون لنا هارون الرشيد صاحب العصر الذهبي قوة ومنعة هذا الذي يحج عاماً ويغزو عام والذي يخاطب نقفور ملك الروم بعد نقضه المعاهدة قائلاً (من هارون الرشيد امير المؤمنين إلى نقفور كلب الروم اعلم يا ابن الزانية ان الجواب ما تراه لا ما تسمعه) قاضياً ليله ونهاره في معاقرة الخمر ومعاشرة الجواري وتغزله بالسيدة (زبيدة) ونشاهد اخته العباسة زانية تعاشر البرمكي خلسة لا لشيء الا لأنه ضرب البرامكة ضربة قصمت ظهورهم بسبب تجاوزاتهم على هيبة السلطان وفسادهم المالي ونرى ابا جعفر المنصور ينعت بالبخل جبانا متآمرا على كل من حوله لا لشيء الا لأنه استبسل في القضاء على الراوندية وعلى ابي مسلم الخرساني ونرى الامين ابن هارون الرشيد عبر الشاشات قاضياً جل وقتة في مسامرة الغلمان محتسياًً الخمر لا هيا لا شيء الا لان امه عربية وليبرؤوا جريمة المأمون في قتله وهكذا ديدنهم فكل عصر من عصورنا يتميز بالإنجازات الحضارية ويتشرف فيه العربي المسلم تراه عرضة للمسخ تأليفا واخراجاً واخيراً وليس اخراً تناولوا تاريخ الدولة العثمانية في مسلسل طلّ علينا قبل سنوات على شاشة التلفاز اسمه (حريم السلطان) يصور لنا عصر السلطان سليمان القانوني الذي اتسم بكثرة الفتوحات والهيمنة الاسلامية على وأوربا حتى سمي بالعصر الذهبي في الدولة العثمانية ليسلطوا فيه الضوء على حياته الخاصة وعلى الجواري والخلاعة والدسائس والمؤامرات وهذه الصور تكاد تكون القاسم المشترك في كل الاعمال الفنية فاذا كانت الامة هكذا رجالها فمتى وكيف بنوا هذه الحضارة الزاهرة العملاقة التي امتدت اكثر من الف سنة والاعمال الفنية في اغلبها ساهمت مجتمعة في تشويه رموزنا الا قلة القليلة التي انصفت تاريخنا ,فبوسائلهم هذه يحاولون ترسيخ صورة ممسوخة ذات ضبابية عالية لرموزنا التاريخيين في عقول شبابنا وبناتنا ليتركوهم حائرين مضطربين فكرياً ليسهل عليهم ابتلاعهم من خلال اشغالهم ببرامج ومسلسلات لا تأخذهم الا إلى الهاوية مثل (ستار اكاديمي وعرب ايدل) وغيرها ونرى مثل هذه البرامج تلاقي الدعم والاسناد من اطراف كثيرة سياسية كانت ام ثقافية ليصبحوا ابطال هذه البرامج هم القدوة والرمز لشبابنا مع ضياع القيم والمبادئ ويبقى مجتمعنا سلبياًً لا عطاء لا تضحية لا ايثار ولا اخلاص لنعيش في الدرك الاسفل من التخلف والاحباط .
فإلى متى يبقى شبابنا الضحية؟
والى متى يبقى مجتمعنا بلا رؤية؟
مع محبتي
مجيد حميد أحمد
قسم شؤون الأقسام الداخلية
|