مقالة بعنوان "دور النصوص القانونية في معالجة ظاهرة الابتزاز الالكتروني والسبل الكفيلة في الحد منها "
Share |
2022-03-19
مقالة بعنوان "دور النصوص القانونية في معالجة ظاهرة الابتزاز الالكتروني والسبل الكفيلة في الحد منها "

منذ أن دخلت وسائل التواصل الاجتماعي إلى العراق، انتشرت جرائم الابتزاز الإلكتروني بشكل واسع وتطوّرت مع مرور الوقت وخرجت منها عصابات منظمة، خاصة مع ضعف تطبيق القانون في العراق والتعامل غير الحازم مع هذه القضايا وإيجاد تشريعات قانونية مجدية وحديثة مع التطور التكنولوجي الحاصل، وإضافة إلى ضعف القانون، يرى مختصون أن انتشار البطالة والفقر وعدم الاستقرار قد ساعد على ارتكاب مثل هذه الجرائم، إذ أن ما يحدث من جرائم في كل المجالات، هو تعبير جلي عن الواقع السياسي بالبلاد الذي يشهد تراجعًا في تقديم الخدمات والتنمية وفرص العمل، ودائمًا ما يعتبر الابتزاز الإلكتروني هو مصدر لجني الأموال من الضحية أو محاولة لملئ الفراغ الذي يمر به الشباب.

وتعد قضايا وجرائم الابتزاز الالكتروني من أكثر الجرائم الالكترونية الحديثة والعصرية، والكثير يتساءل عن الآليات والحلول والطرق السليمة في معالجة قضايا الابتزاز الالكتروني، وهل توجد حلول فعلية يمكن من خلالها القضاء على المجرم وانهاء واقعة الابتزاز الالكتروني بشكل كامل؟ الكثير يطرح هذه الأسئلة وغيرها وخصوصاً بالنسبة لضحايا الابتزاز الالكتروني، لذا سنحاول في هذه المقالة الاجابة على الاسئلة المطروحة للتخلص من قضايا الابتزاز الالكتروني.

 في البداية سنتعرف على الابتزاز الالكتروني، ومن ثم نتطرق الى كيفية عدم الوقوع في فخ الابتزاز الالكتروني، والى موقف قانون العقوبات العراقي رقم (111) لسنة 1969 من هذه الجرائم.

 فالابتزاز الإلكتروني: عملية تهديد وترهيب للضحية بنشر صور أو مواد فلمية أو تسريب معلومات سرية تخص الضحية، مقابل دفع مبالغ مالية أو استغلال الضحية للقيام بأعمال غير مشروعة لصالح المبتزين كالإفصاح بمعلومات سرية خاصة بجهة العمل أو غيرها من الأعمال غير القانونية. وعادة ما يتم تصيد الضحايا عن طريق البريد الإلكتروني أو وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة كـ الفيس بوك، تويتر، وإنستغرام وغيرها من وسائل التواصل الاجتماعي نظرًا لانتشارها الواسع واستخدامها الكبير من قبل جميع فئات المجتمع. وتتزايد عمليات الابتزاز الإلكتروني في ظل تنامي عدد مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي والتسارع المشهود في أعداد برامج المحادثات المختلفة.

 كيف تبدأ عملية الابتزاز؟

غالبًا تبدأ العملية عن طريق إقامة علاقة صداقة مع الشخص المستهدف، ثم يتم الانتقال إلى مرحلة التواصل عن طريق برامج المحادثات المرئية (Video conferencing)، ليقوم بعد ذلك المبتز باستدراج الضحية وتسجيل المحادثة التي تحتوي على محتوى مسيء وفاضح للضحية، ثم يقوم أخيراً بتهديده وابتزازه بطلب تحويل مبالغ مالية أو تسريب معلومات سرية، وقد تصل درجة الابتزاز في بعض الحالات إلى إسناد أوامر مخلة بالشرف والأعراف والتقاليد مستغلاً بذلك استسلام الضحية وجهلة بالأساليب المتبعة للتعامل مع مثل هذه الحالات.

 كيفية تجنب الوقوع في فخ الابتزاز: -

_ تجنب قبول طلب الصداقة من قبل أشخاص غير معروفين.

_ عدم الرد والتجاوب على أي محادثة ترد من مصدر غير معروف.

_ تجنب مشاركة معلوماتك الشخصية حتى مع أصدقائك في فضاء الإنترنت (أصدقاء المراسلات).

_ ارفض طلبات إقامة محادثات الفيديو مع أي شخص، ما لم تكن تربطك به صلة وثيقة.

_ لا تنجذب للصور الجميلة والمغرية، وتأكد من شخصية المرسل.

 حال تعرضك لعملية إبتزاز

_ عدم التواصل مع الشخص المبتز، حتى عند التعرض للضغوطات الشديدة.

_ عدم تحويل أي مبالغ مالية، أو الإفصاح عن رقم بطاقة البنك.

_ تجنب المشادات مع المبتز وعدم تهديده بالشرطة، وقم بالإبلاغ عند وقوع الحادثة مباشرة لدى الجهات المختصة.

 قانون الجريمة الإلكترونية

نظراً لكون هذا النوع من الجرائم حديثا -بعض الشيء- فإن القوانين التي تنظم التعامل معه تعتبر قليلة، بل ربما غير موجودة في بعض الدول، على عكس الدول التي صدرت فيها قوانين لمكافحة جرائم تقنية المعلومات، ففي سلطنة عُمان -على سبيل المثال- ينص المرسوم السلطاني رقم 12/2011 في مادته الثامنة عشرة على أنه: «يعاقب بالسجن مدة لا تقل عن شهر ولا تزيد على ثلاث سنوات وبغرامة لا تقل عن ألف ريال عماني ولا تزيـد علـى ثلاثـة آلاف ريـال عماني أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من استخدم الشبكة المعلوماتية أو وسائل تقنية المعلومات في تهديد شخص أو ابتزازه لحمله على القيام بفعل أو امتناع ولو كان هذا الفعل أو الامتناع عنه مشروعًا، وتكون العقوبة السجن المؤقت مدة لا تقل عن ثلاث سنوات ولا تزيد على عشر سنوات وغرامة لا تقل عن ثلاثة آلاف ريال عماني ولا تزيد على عشرة آلاف ريال عماني إذا كان التهديد بارتكاب جناية أو بإسناد أمور مخلة بالشرف أو الاعتبار».

اما قانون العقوبات العراقي رقم ??? لسنة ???? فلم يشر صراحتا إلى جرائم الابتزاز الإلكتروني ولكنه عالج جريمة الابتزاز المالي في المادة (452) والتي نصت على:

 1 – يعاقب بالسجن مدة لا تزيد على سبع سنين أو بالحبس من حمل آخر بطريق التهديد على تسليم نقود أو اشياء اخرى غير ما ذكر في المادة السابقة.

2 – وتكون العقوبة مدة لا تزيد على عشر سنين إذا ارتكبت الجريمة بالقوة أو الاكراه.

 وهذه المعالجات قاصرة على الجرائم المالية التقليدية والتي كانت من الواجب على المشرع القانوني العراقي ان يحذو حذو الدول التي سبقنا في مجال مكافحة الجريمة الالكترونية وكانت البداية بالفعل في مطلع العام الماضي إذ قام مجلس النواب العراقي بالقراءة الأولى لقانون جرائم المعلوماتية، الذي تضمن 23 مادة بفقرات عدّة، نصت على عقوبات متفاوتة تصل إلى السجن 30 عامًا وغرامات تصل إلى 50 مليون دينار، فيما ركّزت تلك الفقرات على المعلومات الإلكترونية، وجعلتها في دائرة الخطر والمساس بأمن الدولة لكن هذا القانون لم يرى النور الى يومنا هذا والذي نأمل من المشرع العراقي التحرك سريعاًً لتشريع القوانين التي تواكب التطور والتكنولوجيا لوجود فجوة تشريعية في مكافحة جرائم الابتزاز الإلكتروني مما ساهم في تفاقم المشكلة.

 المصادر العربية:

1- محمد بسام أبو عليان، الانحراف الاجتماعي والجريمة، دار البشر للنشر والتوزيع، الاردن، 2013.

2- د. محمد أمين الرومي، جرائم الكومبيوتر والانترنت، دار المطبوعات الجامعية، الجزائر، 2003.

3- حسن طاهر داوود، جرائم نظم المعلومات، أكاديمية نايف العربية للعلوم الأمنية، الرياض، 2000.

4-  محمد ياسر الخواص، الانحراف والمجتمع دراسات في علم الاجتماع الجنائي، دار المصطفى للطباعة، مصر، 2005.

5- سامي بن مرزوق نجاء المطيري، المسئولية الجنائية عن الابتزاز الإلكتروني في النظام السعودي، رسالة ماجستير - جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية، كلية العدالة الجنائية، قسم الشريعة والقانون ، السعودية ، 2015.

6- أسامة أحمد النعيمي ، المسؤولية الجزائية الناشئة عن انتهاك أمن المعلومات، بحث منشور في مجلة دراسات أقليمية، 2020، السنة 14، العدد 43، الصفحة 127-164.

 القوانين:

قانون العقوبات العراقي رقم ??? لسنة ????.

المرسوم السلطاني العماني لمكافحة جرائم تقنية المعلومات رقم 12/2011.

 المصادر الاجنبية:

 1- Cullen Francis, Rethinking crime and Deviance Theory. The Emergence of a structuring tradition. U.S.A : Rowman and Allanheld. 1983.

  

بقلم

م.م. محمد إبراهيم عبدالله

قسم شؤون الأقسام الداخلية

 

 

 
عدد المشاهدات : 15047